تخيل معي أن مديرك في العمل أعطاك كتاب 100 صفحة، وطلب منك فهمه جيدًا وسيأخذه منك بعد خمسة أيام.. في هذه الحالة سيكون لديك طريقتين لا ثالث لهما، الأولى: تبدأ القراءة بطريقة عشوائية متحمسًا في البداية، ثم بعد ذلك يأخذك الفتور شيئًا فشيئًا، حتى تنتهي الخمسة أيام ولم تنتهي من الكتاب بعد.

 

الطريقة الثانية: أن تفكر لتضع خطة تناسب إنهاء هذا الكتاب في المدة المطلوبة، فتقوم بتوزيع الـ 100 صفحة على أربعة أيام لتقرأ في كل يوم 25 صفحة، وتترك اليوم الخامس للمراجعة. وهذا هو دور مؤشرات الأداء في هذه العملية، في كل يوم ترى أدائك وتقارنه بالخطة الموضوعة، فتستطيع قياس النتائج في كل يوم، بل في كل ساعة إن أردت.

 

 

معنى مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs

Key Performance Indicators والتي تُعرف اختصارًا بـKPIs)) هي مقاييس تعمل على تحويل الأهداف الكبيرة العامة إلى أهداف وخطوات صغيرة محددة وواضحة ويمكن قياسها بسهولة. من خلال مؤشرات الأداء يمكنك قياس مدى نجاح المؤسسة أو الشخص في تحقيق المهام والأهداف المطلوبة.

 

يعتقد الكثير بأن مؤشرات الأداء الرئيسية تُستخدم فقط لتقييم أداء المشاريع والبرامج الكبيرة، أو لتقييم الخطط الاستراتيجية فقط، لكن في الحقيقة يمكن استخدامها على المستوى الشخصي – كما ذكرتُ لك في المثال – ويمكن استخدامها لتقييم أداء الأقسام الصغيرة والموظفين، وتستطيع استخدامها كذلك لقياس أداء فريق خدمة العملاء أو الكول سنتر.

 

 

كيف تضع مؤشرات الأداء لكل هدف

 

مجرد فهمك لمؤشرات قياس الأداء يجعلك تضع جميع أهدافك في إطار مُنظم وواضح، لكن احذر من دخول متاهة الأهداف، فكثرة الأهداف وتزاحمها سيؤثر سلبيًا على إنجازها، حتى وإن كنت تستخدم مقياس مؤشرات الأداء المناسب لكل مهمة. دخولك في هذه المتاهة سيكون سببًا في إرباك الموظفين وتشتيت مجهودهم، وعدم تحقيق أي نجاح في جميع الأهداف.

ضع جميع أهدافك على ورقة وابدأ بترتيبهم حسب الأولوية، الأهم فالمهم ثم الأقل أهمية... وهكذا. تحديد الأهداف يكون بناءً على وضع شركتك ومدى قوتها السوقية، فمثلًا إن كانت شركة ناشئة سيكون الهدف الأول هو إشهار العلامة التجارية والعمل على زيادة الوعي بها، وتوسيع قاعدة عملاءك، أما إن كانت أكبر فسيكون الأولوية لزيادة المبيعات والأرباح مثلًا، وهكذا.

بعد تحديد الأهداف وقبل البدء في وضع الخطة الاستراتيجية وتحديد مؤشرات الأداء قم بتحليل المنافسين أولًا، والمقصود بالمنافسين هي الشركات التي تماثلك في الحجم، فلا يستقيم أن تكون شركة ناشئة وتعتبر عالمة تجارية عالمية منافسة لك! لأن الشريحة المستهدفة لهذه العلامة مغايرة تمامًا للشريحة المستهدفة لشركتك.

 

منافسيك هم الذين يستهدفون نفس شريحة العملاء التي تستهدفها، حلل نقاط القوة والضعف لديهم، واعرف أهدافهم والمعدلات الخاصة بهم، وقارن كل هذه المعلومات بما يقابلها عندك، وادرس الأمر جيدًا. هل إمكانياتك الحالية تمكنك من تحقيق معدلات أعلى منهم؟ أم أنك تحتاج لبعض التعديل والتطوير؟

دراسة وتحليل المنافس من أهم الأشياء التي تساعدك في وضع مؤشرات لقياس الأداء بطريقة احترافية وعالية الدقة. ولزيادة الأمر وضوحًا سأذكر لك أهم العوامل التي ينبغي عليك مراعاتها أثناء وضع مؤشرات القياس الخاصة بأداء شركتك.

 

 

عوامل نجاح مؤشرات الأداء

 

قبل أن تضع مؤشرات قياس الأداء الخاصة بك، احرص على تحديد هدفك بشكل واضح، بعد ذلك ستقوم بمراعاة هذه العوامل لتضمن أن تسير وفق مؤشرات صحيحة واقعية.

 

- مؤشرات رقمية: احرص على وضع مؤشرات تستطيع التعبير عنها بأرقام ووضعها في تقارير واضحة، لا تنزلق قدمك في مقاييس نوعية هُلامية يصعب قياسها.

 

- واقعية: أثناء اختيار المؤشرات وتحديها اعتمد على قدراتك والمؤهلات التي تمتلكها في الواقع، لا تعتمد على الأمنيات والخيالات، ولا تجعل حماسك و اندفاعك للنجاح يخدعك.

 

- بسيطة وواضحة:لا تضع مؤشرات معقدة يصعب فهمها وقياسها، بل احرص على وضع مؤشرات واضحة وبسيطة يستطيع جميع الفريق قياسها.

 

- متوافقة مع الأهداف الاستراتيجية للشركة: لا تكون أهدافك طويلة المدى ومستقبل شركتك في وادٍ ومؤشرات القياس لديك في وادٍ آخر. الهدف من وضع مؤشرات الأداء هو تحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة.

 

 

ربط المؤشرات بالأهداف العامة للشركة من أهم عوامل نجاح شركتك، وبالتالي ستغطي المؤشرات جميع أقسام الشركة، لضمان أن الجميع يتحرك في اتجاه واحد، ويسعى لتحقيق هدف واحد. إن شعرت بأنك في المتاهة أو تقترب من دخولها، قف فورًا واسأل نفسك هذه الأسئلة:

 

       - ما هي الأهداف الرئيسية التي أريد تحقيقها؟

       - هل هذه الأهداف تقبل القياس الرقمي؟

       - ما المدة المناسبة لقياسها؟

سأعطيك مثالًا بسيطًا لتوضيح هذا الأمر:

 

ما هي الأهداف الرئيسية؟

زيادة المبيعات بنسبة 20%.

 

هل تقبل القياس الرقمي؟

نعم، عن طريق معرفة إجمالي المبيعات.

 

المدة المناسبة للقياس؟

كل شهر، مع مقارنة النتيجة بمبيعات نفس الشهر في السنة الماضية.

 

 

 

تحديث مؤشرات الأداء

 

طبيعة السوق لا يوجد به شيء ثابت، وسيترتب على ذلك تغيرات وتحديثات داخل شركتك ونظامك، ومن الممكن أن يصل هذا التغيير لأهدافك العامة، وبالتالي ستنعكس هذه التغييرات على مؤشرات الأداء الخاصة بك. وقد لا يحدث كل هذا التغيير وتضطر لتحديث المؤشرات، لأنه من الممكن أن تكون بعيدة قليلًا عن أهدافك عندما وضعتها أول مرة.

 

احرص على مراجعة مؤشرات قياس الأداء الخاصة بك، وحلل النتائج بصفة مستمرة، لتتأكد بأنك تسير على الطريق الصحيح. لا تتكاسل عن طلب المشورة من المحيطين بك، واستمع لنصائحهم بعناية، وتابع منافسيك وادرس تحركاتهم، لتستطيع إخراج مؤشرات أداء عالية الدقة والاحترافية.

 

 

 

 

إن كانت لديك أسئلة أو استفسارات عن مؤشرات الأداء فأخبرني بها في التعليقات، ولا تنسى مشاركة المقال مع أصدقائك.

 

 

 

 

en_US